السبت، 19 يناير 2013

مقطع من رواية "البلبل" : في مديح الطرطرة


مقطع من رواية "البلبل"
في مديح الطرطرة

ذلك الوجه الذي أقتله الآن يشبه الوجه الذي محوته بالأمس، كل وجه يشبه سابقه، لا شيء أهون عندي من قتلهم جميعًا بقطرات مدفعي المائي، لأرى رخامًا أبيض ناصعًا بعد محوهم، يتشابهون جميعًا لأن صانعهم واحد، صانعهم أنا.
لا شيء أهون علي من صنعهم، نتف رماد سجائري على جنبات قاعدة الحمام طين وجودهم، لا أدري متى أكتسبت العادة، ربما أكتسبتها قبل أن أبدأ التدخين بزمن بعيد، ففي يوم ما، لا أذكره الآن، أسميت مدفعي المائي محسن ممتاز، سخريةً من ضابط المخابرات الشهير في ذلك المسلسل، يومها وقفت أمحو الوجوه وأتأمل محسن ممتاز، وكان صغيرًا، بلبلًا في مقتبل العمر، هذه الذكرى البعيدة تجعلني أتساءل دومًا هل أضفتُ المواد الأخرى لصناعة الوجوه قبل اكتسابي عادة التدخين أم بعدها، صابون سائل .. صابون ناشف .. ديتول .. شامبو .. وهلم جرًا.
كل صباح أفيق من نومي لأمسك بسيجارتي الأولى وأصنع وجوهًا أقتلها بطرطرتي، الطرطرة تقتل أحيانًا، فعل طرطر فعل متعدٍ، كما ينبغي لفعل رباعي يحترم رسمه، طرطر طرطرة فهو مطرطر، يرسم وجوهًا ويمحي وجوه، وجوهًا من صنع رماد سجائره.
في الأيام الرائقة أضيفُ المواد الأخرى قبل إشعال السيجارة ونثر الرماد، وأنتظر، بعدها أراقب مزج الأصفر في الأبيض، واختراق البول لفقاقيع الصابون والمنظفات، قطرات تنزل من علٍ تشابه قطرات المطر حين تخرق السحب الأدني، هوسي بذلك الفعل جعلني أجربه كثيرًا خارج منزلي، على الشاطئ مع زبد البحر، على جسد فتاة صاحبتها سريعًا وبتنا ليلة في بيتها، أثناء استحمام ما بعد المضاجعة، صنعت على جسدها تماثيلًا من صابون وشامبو أغرقتها بدفقات من مدفعي المائي، المقدم محسن ممتاز.
حتى مباول المقاهي لم تنج من رسمي الوجوه ومحوها، مما استدعى صاحب أحد المقاهي لكتابة تحذير للزبائن من إلقاء الأعقاب في المبولة ذيله بـ "أحه يا زباين"، وحدها مباول البارات التي نجت مني، فمباول البارات الرخيصة أماكن معتادة للشقط، ويجب عند الوقوف فيها عدم إطالة المقام حفاظًا على المؤخرة.
الطرطرة فوق الرؤوس فعل سلطة، يشترط تناغم ما بين معدل رسم الرماد للوجوه ومعدل خروج قطرات الطرطرة، لي إيقاعاتي المميزة المتناغمة مع أنواع السجائر التي أدخنها، قطرة قطرتين ثلاث قطرات قطرتين قطرة، إيقاع السجائر السوبر، تش تش .. تشش، إيقاع الكليوباترا الأقصر من السوبر، أما الإيقاع الأكثر صعوبة، فقد أسميته المصمودي، ويشترط تحكمًا شديدًا في خروج الطرطرة، وهو إيقاع أرتبط معي بتدخين سجائر الحشيش، وتطلب الأمر مني، بعد فترة، بعد تعب شديد في رأس مدفعي الرشاش، التوقف عن تدخين الحشيش كلية.
لكن الفعل الأكثر فنية ليس محو الوجوه ولا رسمها، بل إسقاط الرماد الدخاني الهش فوق خيط الطرطرة دون أن يماسه أو يقطعه، أتوقف قليلًا، تمسك عضلة مثانتي تدفق طرطرتي، ثم أخرج دفقة قوية ترسم خيطًا أصفر، لأنثر فوقه نثار رماد السجائر.
فعل الطرطرة الصباحي فوق وجوه رماد سجائري حماني كثيرًا من السقوط في فخ الكتابة، يخيل لي أن كل الكتاب لديهم مشاكل ما مع مدافعهم المائية، وهم، بصورة أو بأخرى، لا يجيدون الطرطرة فوق رؤوس الوجوه المصطنعة فيطرطرون فوق رؤوس قراء وهميين، الشعراء الرومانسيون، على الأخص، تتعدى مشاكلهم مع بلبلهم مرحلة الطرطرة.

السبت، 5 يناير 2013

خناقة في الفراش - بيرم التونسي


خناقة في الفراش
بيرم التونسي

الزوج

الزوجة


يا مدغدغ خالص ياني
إيش خلا يا روحي حاتبكي
ركبي الليلة تاعباني
طول عمرك بيهم تشكي
والنهج رجع لي تاني
كل دا من شرب الوسكي
وصفوا لي دهان ألماني
ادهن ألماني وتركي


بالذمة تجسي باديكي
اعتقني الا انا طهقانة
حلفتك اخص عليكي
ما اقدرش يا شيخ عيانة
مش باين ليه في عينيكي
العين ما تبوح بأمانة
وكمشتي كمان رجليكي
اكمني كمان بردانة


لميهم حالًا تدفي
برضك قول مدي وهاتي
همسة ع الهامش تكفي
ما اقدرش أبدًا يا اخواتي
علشان يا عبيطة تخفي
ما احملش الهم ليلاتي
هاتي كتفك كده على كتفي
اسكت لانده لحماتي


ما انا عارفك وش فضيحة
ماهو فعلك بيجنني
عمرك ما سمعتي نصيحة
والله انت اللي مبهدلني
لكن في الردح فصيحة
طيب بس ابعد عني
بتزقي كمان يا قبيحة ؟
أيوة وقصدك إيه مني


بالحق أنا كنت المذنب
مذنب على إيه يا عينيا
الليلة دخلت المغرب
ادخل حتى الصبحية
ولقيت وشك متشقلب
خدلك واحدة افرنجية
والبيت راخر متكركب
هات لك واحدة لوانجية


وحياتك والله مسيرها
يفرجها عليك ويهون
برطوشة تروح تيجي غيرها
شبشوبي كمان يتلون
واعرف سيرك من سيرها
الخاين طبعه يخون
وأشوف دي الدنيا وخيرها
وادخل أنا راخرة واجون


ومسيري كمان أوريكي
ياما قلت إنك ح توريني
ياما لسه حاعذب فيكي
امسك فلقة وقريني
وانزل كدهو واهريكي
ليه ؟ كنت يا اخويا شاريني
طب هس اخرسي لاديكي
إوعك بس تعريني ...