الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

ابتسامة يارا (إلى يارا سلام)

ابتسامة يارا

إلى يارا سلام 

ما الابتسامة؟ لا هي ضحكة ولا هي عبسة، لكنها تعد بضحكة وتخشي العودة للعبوس، الابتسامة شفتان ما بين انفتاح وانغلاق كدعوة تقبيل وجلة، هي الخيط الأبيض الفاصل بين ليل سجىٰ وصباح لم يُصبح، كسنا ضياء ما قبل الإشراق، تفلق الإصباح دون إطلاق الصباح.
ليس كمثل ابتسامتها ابتسامة، يتشارك اسمانا ثلاثة حروف لكن كلانا يسبح في مداره فلم يتقاطع دربانا ويسمحا بلقاء، ربما لمحتها، لكن فعل الرؤية غير ممكن إلا عند انحلال ذاكرة الوجوه الشمعية والبسمات نصف الميتة، وحده انحلال رسم السابق يمنح الرؤية العابرة كشفها، عندها تلمح ابتسامتها فيُلقى في قلبك ما يُلقى وتَقَر رؤية الابتسامة في قلب الرائي، تسكن قلبه فتمنح له سَكِينَته المسلوبة من قِبَل السلطان، الذي يجعلنا بلا وجوه مميزة، يسرق ابتساماتنا ويمنحنا بسمات مُسرنمة، تحت نير سلطته كلنا بنفس الوجه الشمعي نصف الحي، السلطة تُجهلنا دومًا ولا تُعرّفنا إلا حين نقاومها، حينها يلمح الواقعون تحت نيرها وجوه مقاوميها، ربما لن تعرف وجه شبيهك إلا حين يقتله السلطان، فهو يقتل حياتنا وحكاياتنا، يسعى لجعل قصص الغزل مرثيات.
كلماتي ليست رثاء لابتسامة، ربما هي رثاء لكاتبها العاجز عن الابتسام، المتغزل في ابتسامة عابرة، رآها غافلًا بعينين نصف مطفأتين حين أشرقت كابتسامة صبية تصب ماء إبريقها في مشربية مُطلة على ساحة مدينة، يلمحها سجين مُساق لمحاكمته فتمنحه شيئًا نصف مجهول لكن حلاوته كاملة.
يارا، لم تعرفيني قبلًا، لم تصادفيني في طريق رغم أننا ندور في ذات الأفلاك، حتى لو لمحتِني فحتمًا لم تتذكري وجهي، فهو وجه شمعي تنقصه ابتسامتك مانحة الحياة لوجوه غَبّرها نصف الموت، ربما لولا رؤيتي لابتسامتك عبر قضبانٍ لسجنتها بداخلي، أخرجها وقتما أشاء لتهبني وعدًا بالحياة، ابتسامتك لم تكن لي، كانت لذاك المجهول الذي لا نعرفه لكننا نوقن بحلاوته ويسكننا حبه، ربما كانت ابتسامتك مقاومة للسلطان لكنني لا أدرك تلك الكلمات المنمقة، أعلم أن ابتساماتك أكثر من مقاومة وأشمل من أن يحويها تعريف، فهي جديرة بإثارة الشغف وإحياء قلوب نصف ميتة، هي وعد بشيء ما آت، ابتسامة تفلق الإصباح لصباح لم يُطلق سراحه بعد.

ياسر عبد الله                                                                                                                                          

                                                                                                                                    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق